العلاقة بين معطيات الواقع وسبل الارتقاء الحضاري
في العراق
كما يعلم الجميع اصبح المواطن العراقي يعيش تحت وطأة ظروف عصيبة, قل مثيلها في أية بقعة من العالم , الوضع الامني في أسوأ حالاته منذ سقوط النظام السابق . الموت في الشوارع يبحث عن ضحايا جدد , كثر المسلحون والملثمون وازدادت معهم عمليات القتل والخطف لأسباب معروفة وغير معروفة , المواطن محروم عملياً من كل الخدمات لاسيما الكهرباء , ويزيد الم حرمانه التصريحات …؟ التي تطلق بتحسن الطاقة الكهربائية قريباً. وكذلك تعطل وتعثر الدراسة في الكليات والمدارس بسبب سوء الوضع الأمني, كذلك تزايد المهجرين قسرياً داخل الوطن وأوضاعهم تدمي القلب , والمهاجرون خارج البلد بلا رجعة في ازدياد وهذه المقدمة ليس لها علاقة بالتفاؤل أو التشاؤم, بل هي واقع نعيشه يومياً , وإذا ما جاز لأحدنا ان يتسأل اين الحل ….!؟
فنعتقد من وجهة نظري معالجة وتشخيص بعض المسائل المهمة , حتى نتمكن وأياكم من وضع نقاط قد تساهم بالحل أن شاء الله …!
1- المحاصصة الطائفية /
أن المحاصصة الطائفية نزلت كالبلاء من أعلى هرم السلطة الى القاعدة . وتاريخيا بدء ظهور هذا البلاء رسمياً هو في المحاصصة التي شكل على أساسها مجلس الحكم الانتقالي . باختيار 25 سياسياً وفق انتمائهم القومي والطائفي والمذهبي , وقتها كنا نسأل السياسيين عن السبب الذي يقف وراء اعتماد هذا البلاء , فكانوا يقولون أنه لا توجد طريقة أخرى توزع بموجبها مقاعد مجلس الحكم , وأكدوا وطمأنوا الشعب أن الانتخابات التي ستجرى ستلغي المحاصصة الطائفية، أذن الحل بيد الساسة وبيد من يحب العراق وشعبه…
ونحن نعتقد بما يلي / العراق كما هو معروف بلد الاديان والقوميات والمذاهب وان تأريخه منذ القدم هو شراكة وطنية بين هذه المكونات العراقية , والتي امتزجت دماء أبنائها بتربة العراق , فالصائبة المندائيون والمسيحيون الكلدان والسريان والاشوريون والارمن والشبك والايزيديون والتركمان والكرد الفيلبين وأقليات اخرى , أعضاء في العائلة العراقية الموحدة مع اخوتهم المسلمين عرباً وكرداً … وفي ضوء ذلك يمكننا القول أن الهوية الوطنية العراقية هي هوية الجميع. وبالتالي لابد من العمل على حث الجميع لاعادة تشكيل الهوية الوطنية العراقية، وفقاً لأسس المواطنة الاصيلة , فالعراق ينبغي أن يكون أولاً وثانياً وثالثاً .
2- الأمن في العراق /
لم يعد خافياً على أحد وليس بحاجة الى وقائع وإحصائيات وأرقام للاستدلال على الامن المفقود تماماً , ذلك لان الجرائم مشهودة على شاشات التلفاز والصحافة وتصريحات المسؤولين العراقيين أنفسهم وازدياد وتيرة العنف والتفجيرات . التي حصدت مئات الشهداء الابرياء ,كما يحدث في المدن العراقية .
فأذن حجم التحديات يتسع, ولا نأتي بجديد اذا ما قلنا ان خارطة الخراب الاجتماعي والسياسي والاقتصادي تبدو في زواياها قائمة حتى اللحظة, سواء احزاب وتيارات اسلامية وسياسية يسارية وقومية البعض لديها مجاميع مسلحة تتبادل عمليات القتل والترهيب والانتقام في ظل طروحات طائفية سياسية لم يألفها المجتمع العراقي , الذي أعتاد التسامح والالفة …
هذا ما تؤكده الاحداث … كما لا يقبل الشك والمناقشة. ان بعض التكتلات والقوى السياسية والاسلامية الوطنية. لم تكن بمستوى المسؤولية التي وضعوا انفسهم فيها, ولم يضعوا مصلحة البلد أولاً, بل غلبوا مصالحهم الشخصية أو الحزبية الضيقة على مصلحة البلد … وهذا امر مؤسف حقيقة , ونرجو أن يعيدوا النظر في موقفهم هذا …
كذلك الاشارة لمبادرة المصالحة الوطنية المطروحة من قبل السيد رئيس الوزراء , والتي من أهم معالمها هو تفعيل سلطة القانون وسيادة مؤسسات الدولة وهيبتها من خلال قواتها الامنية الجاهزة والنزيهة والحيادية (بعد تطيرها من المندسين والمجرمين القتلة الذين استخدموا صفاتهم الرسمية لارتكاب جرائم قتل للأبرياء لخدمة اجندات اجنبية )، كذلك انهاء كل المظاهر المسلحة في الشارع العراقي … ونأمل من الجميع ان يدركوا حجم الخطورة التي تهدد البلد والدول الاقليمية في المنطقة والدولية, حقيقةً تعصف بأمن العراق ومستقبله بحيث وصل الحال أما نكون أو لا نكون …!؟
اما الجانب الاخر للمصالحة الوطنية , فهو كيفية تطبيق قانون اجتثاث البعث أو المسألة والعدالة , بحيث يجب ان يطبق بالشكل الذي لا يقاطع شرعية حقوق الانسان ونبذ الاقصاء المتعد والثأر وعليه نعتقد الحل الامثل لذلك … هو تطبيق مبدأ البراءة حتى تثبت الادانة من محاكمة عادلة ونزيهة, نعتقد أن القانون والقضاء وحدهم يقررون ذلك . فاذا ما عدل القانون على اساس هذه القاعدة القانونية والموضوعية , ووضع نصوص تجعل من الصعب على المسيء منهم ممن انتهك حقوق الانسان , ان يفلت من قبضة العدالة … آنذاك تكون قد وضعنا اساساً مبدئياً لدولة القانون والمؤسسات .
أ.م.د. حسن علي كاظم